لسانك مفتاحك للجنـة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن اللسان نعمة كبيره من نعم الله عز وجل علي العبد وقد ذكره سبحانه وتعالي في كتابه الكريم
ممتنًا على عباده بقوله سبحانه:
" أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنينِ ولسانا وشفتين "
(البلد) فدل على أهمية وعِظم هذه النعمة من الله عز وجل , ولكن الخطر يكمن في اساءة هذه
النعمة لغير ما خلقت وسخرت له .

اجعل لسانك مفتاحًا للجنة

قال عبد الله بن مسعود: (والذي لا إله غيره ما على ظهر الأرض من شيء أحوج الي طول سجن
من لسان.)

قال عز وجل:
" يَا أَيُّهَا الذين آَمَنُوا اجتنبوا كَثِيرًا مِنَ الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ ياكل لَحْمَ اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله ان الله تواب رحيم "
(سورة الحجرات ).

عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(المسلمُ مَن سلم المسلمون من لسانه ويده ) (رواه مسلم)

احبتي في الله قفو وتأملو هذا العضو الصغير الذي هو أكثر عضو يقع عليه الآلام والعذاب والعقاب
أكثر من باقي الجوارح
( وهل يكبّ الناس على وجوههم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم) (صحيح ابن ماجه )

سؤال أود طرحه عليكي :
كم مرة أمسكتي لسانك عن الغيبة والنميمة باليوم؟ وإن لم تمسكي لسانك عنهما ,
هل أدركت أهمية تلك الأسماء؟ اللسان.. النار.. الجنة؟؟

لنتعرف على تلك الآفات ونطهر جوارحنا منها:

* الغيبة *
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(أتدرون ماالغيبه ؟ قالوا : الله ورسوله اعلم , قال ذكرك اخاك بما يكرهه ,
قيل: افرايت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته, وإن لم يكن فيه فقد بهته)
( صحيح مسلم)
أمثلة على الغيبة التي يقع فيها حتى من الملتزمين والمتدينين إلا من رحم الله :
عند ذكر المغتابة تقول "نسأل الله العافية" أو "الحمد لله الذي عافانا " او " نعوذ بالله من الخذلان "
أو "مسكينة الله يهديها" فهي بذلك
تجمع بين ذم المذكورة ومدح نفسها.

* عقوبة الغيبة *
التعرض لسخط الله تعالى ومقتها لفعل ما نهاها الله عنه، وحسنات المغتابة تنتقل الي من اغتابتها
وإن لم تكن لها حسنات نقلت إليها من سيئاتها نسأل الله العافيه .

* كفارة الغيبة *
1- التوبة والندم على التفريط في حق الله
2- إذا كانت الغيبة قد بلغت التي اغتابت فعليها أن تطلب من التي اغتابتها ان تسامحها وتظهر لها
الندم، وإذا كانت لم تبلغها فعليها الاستغفار لها وكثرة الدعاء لهاوذكر محاسنها امام الذين اغتابتها
أمامهم، وكذا لو علمت انها لو اخبرتها ستزيد العداوه , فانها تكتفي بالدعاء والثناء عليها
والاستغفار لها.

* النميمة *
يقول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
هي الإفساد بين الناس بنقل كلام بعضهم في بعض، يأتي الإنسان إلى الشخص فيقول :
قال فيك فلان كذا وكذا حتى يفسد الناس ويلقي العداوة بينهم والبغضاء وربما كان كاذبا في ذلك
فيجمع بين البهتان والنميمة، وإن الواجب علي من نقل اليه احد كلام احد فيه ان ينكر عليه وينهاه
عن ذلك و يحذر منه , وليحذر هو نفسه من هذا الذي نقل كلام الناس اليه فان من نقل اليك
نقل إليهم كلامك وربما ينقل عنك ما لم تتكلم به، يقول الله عز وجل:
" وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ " (القلم )
وقال النبي صلي الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة نمّام " (رواه البخاري )

ومر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين يعذب أصحابهما وقال( إن أحدهما لا يستنزه من البول وان الاخر
كان يمشي بالنميمة) فاحذروا أيها المسلمون الغيبة والنميمه فان بهما فساد الدين والدنيا وتفكك المجتمع
وإلقاء العداوة والبغضاء وحلول النقم والبلاء وهما بضاعة كل بطال واضاعة الوقت بالقيل والقال.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في اعراض الاحياء والاموات
ولا يبالي ما يقول؟
ولا يدري هؤلاء أن كلمة واحدة يمكن أن تحبط جميع أعمالهم، وتوبق دنياهم واخراهم .

إذن نحن أمام أمر خطير لو تفكرنا في عواقبه لعملنا له ألف حساب على ما نتفوه به , ووفرنا علي
أنفسنا أوزارًا وآثاما نحن في غني عنها .

* علاج عجيب!!
قال "عبد الله بن وهب" رحمه الله "نذرتُ أنّي كلما اغتبت إنسانًا أن أصوم يوما ! فكنت اغتاب واصوم !
فنويتُ أني كلما اغتبت إنساناً أن أتصدق بدرهم ! فمن حب الدراهم تركت الغيبه ! "

* الكذب *
فإن الكذب من مساوئ الأخلاق، وبالتحذير منه جاءت الشرائع، وعليه اتفقت الفطره , وبه يقول اصحاب
المروءة والعقول السليمة.
وفي شرعنا الحنيف جاء التحذير منه في الكتاب والسنة، وعلى تحريمه وقع الاجماع , وكان للكاذب
عاقبة غير حميدة في الدنيا او في الآخرة.
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" اية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان " (رواه البخاري)
وأشنع الكذب:
الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو أعظم الكذب،وصاحبه معرض للوعيد الشديد
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تكفير فاعله إن كان متعمدا
قال تعالى: "وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ السنتكم الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لتفتروا عَلَى اللَّهِ الكذب
إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يفلحون " ( النحل )

* ومن آفات اللسان *

* اللعن
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء "
(صحيح الجامع )

بعد ما تعرفنا عن بعض آفات اللسان أود طرح هذا السؤال: هل تحبين أن تأتي يوم القيامه
وأنتِ مفلسة؟

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(أتدرون من المُفلس؟
قالوا: المُفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي ياتي يوم القيامه بصلاه
وصيام و زكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا , وضرب هذا , فيعطي هذا من
من حسناته، وهذا من حسناته، فان فنيت حسناته قبل ان يقضي عليه اخذ من خطاياهم فطرحت
عليه، ثم طرح في النار) ( صحيح مسلم )

* العلاج من هذه الآفات *
1- تجديد النية بالبعد عن آفات اللسان.
2- إن حصل ووقعنا بالآفة فلنبادر بالاستغفار.. لماذا؟ حتى ننظف صحيفتنا.
3- اجعلي لنفسكِ قاعدة ثبتيها بأن الكذب، والغيبة، والنميمة، الخ.. مرفوضه ..مرفوضه ..
مرفوضة.. مرفوضة.. مرفوضة..
4- تذكير بعضنا البعض بالمواقف الإيجابية التي مررتِ بها عند مسك لسانك لحظة تغلبك علي الشيطان
5-- تذكري التجارب التي أفادتك جدا في مراقبة لسانك.
6- تذكري أنك تصارعين نفسك اللوامة مع الشيطان وأن هذا يحتاج منك مجاهدة وصبر فلا تياسي
بتربية نفسك.
7- اسألي نفسك هل أنت جبانة؟ فإن كانت لا فلما إذن الجبن والكلام عن الناس من ورائهم ؟
8- عودي لسانك على الكلام اللين الهين وذكر الرحمن.
9- ذكري نفسك بالآية (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (سورة ق )
10- ابتعدي عن التسويف في التوبة من هذه الآفات

** نصيحة **

إذا كنتِ في مجلس واغتابت إحداهن أختا غائبة عنكن، فماذا تفعلين؟
* يجب لمن سمعت هذه الغيبة أن ترد عن عرض أختها
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامه )
( صححه الألباني)
*فإن لم تستطيعي فعليك مفارقة المجلس لقوله تعالى : "وَإِذَا سَمِعُوا اللغو اعرضوا عنه "
(القصص )

وأخيرًا لتعلمي حبيبتي أنه لا تدخل الجنة نمامة ولا تدخل من كان في قلبها مثقال ذرة من كبر
فبادري بالاستغفار وتبديل السيئات حسنات.

اللهم اهدنا وأعنّا على أنفسنا.. أسأل الله سبحانه بكل اسم له ما علمنا منها وما لا نعلم ان يطهر
ألسنتنا وجوارحنا من آفات اللسان جميعها.