و مشهد إحراق روما و نيرون يهذي بالغناء و الإنشاد على قيثارته ما هو أصله و فصله ؟
بعد أن ثارت جماهير روما على نيرون و العاهرة بومبيا ،بدأ الطوفان الغاضب زحفت الجماهير الثائرة إلى القصر الإمبراطوري و جرفت في طريقها تماثيل نيرون وبومبيا التي توعدتها بالقصاص والموت ...
و على هدير الطوفان البشري ، سقط قناع الجبروت من على وجه نيرون فانكمش الوحش داخله و بأصابع مرتعشة أصدر أمرا إلى الجيش بالتصدي للثوار وكان الحصاد مذبحة سقط فيها ما يزيد على عشرة آلاف قتيل ..
و هبت الجماهير بسلاح الغضب فأحرقت بعض الميادين و الساحات و الأحياء في روما ...
و عند المفصل بين الجنون و العته كان نيرون يصدر أمره ( المرتجف ) الأخير بالإتيان على بقيةالأحياء إحراقا ...
و حجته .. القضاء على ثوار الغضب الجماهيري حتى حاصرت النيران أكثر من مائة ألف شخص ، تفحمت جثثهم في الجحيم اللهبي و نيرون يغني على قيثارته ...
و كان طبيعيا أن ينقلب الجيش ضده و يتيقن من جنونه ..
فاتهم الكل بالخيانة قوات الجيش و حكام الأقاليم و أعضاء مجالس الشيوخ و هددهم بإلقائهم طعاما للضواري و الوحوش الجائعة..
ولم ينفعه أسلوب الهرب من تدبير أمره بعد أن حاصره الجنون من كل جانب ..
وهنا لمعت الفكرة في ذهنه برسم اللوحة الأخيرة في حياته ...
فكرة الانتحار ..
معنى ذلك أن نيرون مات منتحرا ؟
بالضبط و على وجه التحديد مات مقتولا ..
الأمر يحتاج إلى تفسير !!!
في أول الأمر أخرج نيرون خنجره من جرابه و قربه من عنقه ليطعن نفسه ، لكنه لم يكن يملك من الشجاعة ما يكفي لتنفيذ ذلك ..
فطالب من مستشاره الوحيد الذي كان يرافقه أن ينفذ عملية الطعن ففعل ..
أخذ نيرون يهتز اهتزازات عصبية تشنجية و هو يضرب الهواء بقيضة ذراعه اليسرى ، و سال الدم من فمه و هو يعاني سكرات الحشرجة الأخيرة ...
و سجلت ذاكرة التاريخ كلمتها ( لمدة 14 عاما ) ظل الكابوس الشيطاني أعمى البصيرة الشهير باسم نيرون يحكم بقبضة الجنون و المجون والعربدة ، لكنه ظل طاغية ملعونا لكلالعصور على قمة هرمية لا ينافسه فيها أحد من الطغاة الذين يتحدون البشرية بلعبة الجحيم أو لعبة الوجوه و الأقنعة ...