كان البدوي محبا جدا للشاعر الكبير ابي العلاء المعري الذي كان كارها للنساء . فأبا بدوي الجبل إلا ان يهديه هذه القصيدة .
إيه حكيم الدهر
حلي النديّ كرامة للرّاح عجبا اتسكرنا و أنت الصاحي
الدّهر ملك العبقريّة وحدها لا ملك جبّار و لا سفّاح
و الكون في أسراره و كنوزه للفكر لا لوغى و لا لسلاح
لا تصلح الدّنيا و يصلح امرها إلاّ بفكر كالشعاع صراح
خير العقائد في هواي عقيدة شمّاء ذات توثّب و جماح
أعمى تلفّتت العصور فما رأت عند الشموس كنوره اللّماح
نفذت بصيرته لأسرار الدّجى فتبرّجت منها بألف صباح
من راح يحمل في جوانحه الضّحى هانت عليه أشعّة المصباح
ضجّت ملائكة السّماء بساخر مرّ الدعابة شاتم مدّاح
السخر فيه إذا أخذت بكفره كالسخر حين تراه في النصّاح
أتضيق بالأنثى و حبّك لم يضق بالوحش بين سباسب و بطاح
يا ظالم التّفاح في وجناتها لو ذقت بعض شمائل التفّاح
عطر أحبّ من المنى و غلالة بدع فمن وهج و من أفراح
هي صورة لله ّ جلّ جلاله عزّت نظائرها على الألواح
ليت الهموم العبقريّة هدهدت بحنان طيّبة اللّمى ممراح
ما أحوج العقل الحكيم و همّه و سع الحياة لصبوة و مراح
و لمن تدلّله و تسكر روحه عند الهجير بظلّها النفّاح
أنثى إذا ضاقت سريرة نفسه طلعت بآفاق عليه فساح
تسقى الهموم إذا وردن حنانها بمعطّر كالسلسبيل قراح
وتردّهنّ عرائسا مجلوّة كندى الصباح و كنّ غير صباح
إيه حكيم الدّهر أيّ مليحة ضنّت عليك بعطرها الفوّاح
أسكنتها القلب الرّحيم فرابها ما فيه من شكوى و رجع نواح
جرحت إباءك و الحياء فأقفلا باب المنى و رميت بالمفتاح
لو أنصفت لسقتك خمرة ريقها سكر العقول و فتنة الأرواح
و لأسعفتك على الهوى بمعطّر بالحسن لا بشقائق و أقاح
لا تخف حبّك بالضغينة و الأذى الحبّ جوهر حقدك الملحاح
و أطل هجاءك ما تشاء فخلفه غرر منضّرة من الأمداح
العبقريّة و الجمال تحدّرا من نبعة و تسلسلا من راح
أخوان ما طلع الضّحى لولاهما إلاّ على العبرات و الأتراح
الظاّلمان المالكان و نعمة ما أسلفا من زلّة و جناح
سمعا حكيم الدّهر فهي قصيدة و أبيك بدع مغرّد صدّاح
عصماء إن شهد النديّ خطيبها تركت فصاح القوم غير فصاح
فاعذر إذا لم أوف مجدك حقّه لجج الخضمّ طغت على السبّاح