امرؤ القيس :
حياته وتعلمه وتاريخه الفكري
------------------------------------------------------
امرؤ القيس
امرؤ القيس (124 - 80 ق.هـ / 500 - 544 م) واسمه امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي.
من أشهر شعراء العرب، وقائل أحد المعلقات ومطلعها:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ........ بسقط اللوى بين الدخول فحومل
أبوه حجر بن الحارث ملك أسد وغطفان، وخاله المهلهل الشاعر.
نشأته وحياته :
ولد امرؤ القيس بنجد نحو سنة 501 م وكان ذا منيتٍ عربيٍ عريق، فأمه فاطمة بنت ربيعة أخت كليب والمهلهل،
أشراف إحدى القبائل اليمنية التي كانت تسكن غربي حضرموت قبل الإسلام،
و أبوه حجر بن الحارث الكندي ملك بني أسد.
الغلام اللاهي : نشأ امرؤ القيس نشأة ترف وشب في نعيم .
إلاّ أنه نشأ نشأة الغواة، فراح يعاقر الراح ويغازل النساء ويعشق اللهو، فأطلق العنان لنفسه في المجون،
الامير الطريد :فحاول أبوه أن يردعه، فلم يرتدع، فطرده من بيته، فراح يخالط العرب الذين يرتادون الرياض ويلعبون ويعاقرون الخمرة ويصيدون، فكان يتجول من مكانٍ إلى مكان طالبا اللهو والمجون
حتى بلغ به الترحال –كما يقال-إلى الشّام وهناك حملت له الأخبار خبر قتلِ أبيه على يد من قبيلة بني أسد الذين ثاروا عليه لشدته واستبداده بهم وسوء سيرته،
الملك الضليل : و كان القاتل هو علباء الباهلي، فهب امرؤالقيس و قال قولته المشهورة: "ضيّعني صغيرا، وحمّلني دمه كبيرا، لا صحو اليوم ولا سكر غدا، اليوم خمر وغدا أمر"، وحلف على نفسه ألاّ يأكل لحما ولا يشرب خمرا حتى يقتل من بني أسد مائة ويحزن مائة آخرون.
فرحل امرؤ القيس يسنتصر القبائل للأخذ بثأر أبيه من بني أسد، فطلب العون من قبيلتي بكر وتغلب فأعانوه وأوقعوا ببني أسد، وقتلوا منهم، واكتفوا بذلك، ولكن امرأ القيس لم يكتف، فتركوه وحيدا، فتوجّه إلى السموأل طالبا العون في كتابٍ يريده إلى الحارث بن شحر الغساني لعله يتوسط لدى قيصر الرّوم في قسطنطينية، فيكون له منجدا.
غادر امرؤ القيس تيماء–أرض السموأل-إلى القسطنطينية يريد القيصر يوستينيانوس،
ورافقه في سيرته الشاقة عمرو بن قميئة، وكان من خدم أبيه، وقد ثقلت بهم المسيرة إلى أن وصلوا القسطنطينية والتقى فيها بالقيصر، فأكرم وفادته ووعده بالمدد والعدة، ولكن الآمال لم تتحقق، فصار امرؤ القيس بائسا. وفيما هو في طريق العودة، تفشّى فيه داءٌ كالجدري، فتقرّح جسمه، وسمّي بذو القروح. ولمّا صار إلى بلدة من بلاد الروم تدعى ( أنقرة ) بدأ يُحتضر بها
فقال : رُبَّ خطبةٍ مُسْـحَنْفَرَهْ وطعنــةٍ مثْعَنْجَــرَهْ وجفْــنةٍ مُتحيِّـره حلّــتْ بأرضِ أنـقره
ورأى هناك قبر امرأةٍ من بنات الملوك قد دفنت في سفح جبلٍ يقال له ( عسيب ) فقال بعد سماعه بخبرها:
أجارتَنا إنّ المزارَ قريبُ وإنّي مقيمٌ ما أقامَ عسيبُ أجارتَناإنّاغريبانِ هاهنا وكلُّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ ومات بعدها سنة 540 م، ودفن في أنقرة، إحدى مدن الروم.
تختلف بعض المصادر حول رواية موت امرىء القيس، حيث أن هناك رواية أخرى تقول أنّ رجلاً من بني أسد-و كان أبوه قد قتل على يد القيس- كان يضمر الحقد له، لذلك قرر الإنتقام منه، فذكر للقيصر أن امرأ القيس كان يراسل ابنته ويواصلها، فأرسل القيصر إليه عباءةً مسمومةً، فلمّا لبسها، جرى فيه السم فتقرّح جسمه وسمّي بذي القروح نسبةً إلى ذلك.
--------------------------------------------------------------------------------
شعره
يعتبر امرؤ القيس من أشهر الشعراء الجاهليين وذلك لكثرة ما تميّز به شعره و أعماله، فهو أول من وقف على الأطلال، وأول من وصف الليل والخيل والصيد. وقال أبو عبيدة معمّر بن المثنى:
من فضله أنه أول من فتح الشعر و استوقف، وبكى الدمن ووصف ما فيه، وهو أول من شبّه الخيل بالعصا والسباع، والظباء والطير، وهو أول من قيد الأوابد في وصف الفرس، وهو أول من شبّه الثغر بشوك السيال.
--------------------------------------------------------------------------------
الوصف
تعتبر معلقة امرؤ القيس من أسلم ما وجد من أعماله. وفي هذه القصيدة فقد وصف امرؤ القيس كثيرًا البيئة من حوله. ومن أمثلة التصوير والوصف في شعره وصفه لليل حيث يقول:
وَلَيلٍ كَمَوجِ البَحرِ أَرخى سُدولَه .......... عَلَــيَّ بِأَنــواعِ الهُمـومِ لِيَبتَلـي
فَقُلــتُ لَهُ لَمّا تَمَطّـــى بِصُلبـــِهِ .......... وَأَردَفَ أَعجــازاً وَناءَ بِكَلكَــلِ
أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلي .......... بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ
فَيــا لَكَ مِـن لَيــلٍ كَأَنَّ نُجومَــهُ .......... بِكُلِّ مُغــارِ الفَتــلِ شُدَّت بِيَذبُلِ
ومن قصائد إمرؤ القيس :
أرانا موضعين لأمر غيب ..........وَنُسْحَرُ بالطَّعامِ، وَبالشَّرابِ
عَصافيرٌ، وَذُبَّانٌ، وَدودٌ.......... وأجْرأُ مِنْ مُجَلِّحَة ِ الذِّئابِ
فبعضَ اللوم عاذلتي ..........فإني ستكفيني التجاربُ وانتسابي
إلى عرقِ الثرى وشجت عروقي.......... وهذا الموت يسلبني شبابي
ونفسي،، سَوفَ يَسْلُبُها.......... وجِرْمي، فيلحِقني وشكا بالتراب
ألم أنض المطي بكلِّ خرق.......... أمَقَ الطُّولِ، لمَّاعِ السَّرابِ
وأركبُ في اللهام المجر.......... حتى أنالَ مآكِلَ القُحَمِ الرِّغابِ
وكُلُّ مَكارِمِ الأخْلاقِ صارَتْ.......... إلَيْهِ هِمَّتي، وَبِهِ اكتِسابي
وقد طَوَّفْتُ في الآفاقِ.......... حَتى رضيتُ من الغنيمة بالإياب
أبعد الحارث الملكِ ابن عمرو.......... وَبَعْدَ الخيرِ حُجْرٍ، ذي القِبابِ
أرجي من صروفِ الدهر ليناً ..........ولم تغفل عن الصم الهضاب
وأعلَمُ أنِّني، عَمّا قَريبٍ.......... سأنشبُ في شبا ظفر وناب
كما لاقى أبي حجرٌ وجدّي ..........ولا أنسي قتيلاً بالكلاب
يتبع