لا تزال قضية الحجامة متأرجحة بين مؤيد لها من منطلق ديني وشرعي كون النبي صلى الله عليه وسلم قام بها وبين مطالب بمزيد من الأبحاث لتأكيد فائدتها أو خلوها من الأضرار.
هذا التأرجح وضح جليا في قرارات المنع والترخيص التي تقوم بها وزارة الصحة بخصوص مراكز الحجامة في أكثر من منطقة من مناطق المملكة أول الغيث كان تهديدا من وزارة الصحة منذ بداية العام لإغلاق أي عيادة تجعل الحجامة ضمن عملها الطبي التي أعتبرها ممنوعة أصلا في البلاد وأوضح وزير الصحة أن وزارته لم تعمل على استصدار تراخيص لأي جهه طبية لممارسة نشاط الحجامة باعتبار أن ذلك مخالف للأنظمة والقوانين المعمول بها كما أوقفت الوزارة الأطباء الذين يمارسون هذا الأمر في الوقت الذي يبحث فيه مجلس الخدمات الطبية التأثيرات الطبية الإيجابية الناجمة عن الحجامة.
إثبات علمي
وصرح الدكتور عثمان الربيعة مستشار الوزير ومنسق مجلس الخدمات الصحية في خبر نشرته المدينة الخميس 5 إبريل 2007 بأن الصحة قررت إيقاف إجازة ممارسة الحجامة في المملكة بدعوى أن هذا المنع جاء دلالة على أنه لايوجد إثبات علمي موثق لفائدتها وقال ان المجلس دعا إلى التركيز على الطب الحديث المبني على البراهين وان يقوم مركز الطب البديل بتوعية المجتمع حيال هذه الممارسة ومتابعة المستجدات العلمية في هذا الشأن .
من جانبه رفض وزير الصحة هذا الموضوع قائلا في حديث سابق له: إذا كان عندكم إثبات علمي فأهلا وسهلا لكن إذا كنت تعتمدون على الجانب الديني فعلى أيام الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن هناك أجهزة لسحب الدم . بدوره أكد مستشار وزير العدل في أكثر من مناسبة أن الحجامة حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم كوسيلة نافعة وعوضا عن الإلغاء يفترض أن توضع ضوابط لها وان لا يسمح بممارستها إلا للمتخصصين مؤكدا أن الحجامة كان لها الدور الأكبر بعد الله في الشفاء من الكثير من الأمراض إلى جانب فوائدها الجمة .
جدل كبير
ودار جدل كبير في الأوساط الشرعية والطبية اعتراضا على خطوة إلغاء الحجامة الذي نشرته الصحف مؤخرا كونها سنة مؤكدة عن المصطفى وطريقة علاجية أثبتت فائدتها العظيمة ومن الأدلة الشرعية للعلاج بالحجامة قوله صلى الله عليه وسلم: (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري). أخرجه البخاري. كما قال: (إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم أو شربة من عسل أو لذعة بنار توافق داء وما أحب أن أكتوي). أخرجه البخاري ومسلم - وروى الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنه قال رسول الله: «ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا كلهم يقول لي عليك يا محمد مر أمتك بالحجامة. وقال (نعم الدواء الحجامة، تذهب الدم وتجلو البصر وتخف الصلب» أخرجه الحاكم والترمذي». قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى: وليس طبَّه صلى الله عليه وسلم كطبِّ الأطباء،
من جانبهم أوضح عدد من سكان (الحرمين الشريفين) أنهم يمارسون الحجامة في عيادات يرتادها الجميع وقد أصدرت أمانة مكة أول ترخيص لممارسة مهنة الحجامة في شهر صفر 1428هـ مستندة لأحياء السنة النبوية المطهرة إلى جانب سماح بعض الجهات في المدينة المنورة بالترخيص لعيادات الحجامة وفق ضوابط معينة وهو ما يعترض عليه المسؤولون في الصحة تماما وأكدوا أنهم بصدد إغلاقها جميعا .
حلال شرعاً
يقول الدكتور أحمد بن محمد محروق صاحب مجموعة مراكز الحجامة الحديثة مستنكرا تماما خطوة الوزارة : إذا كانت الحجامة حرام فلا مشكلة لدينا أما إذا كانت حلالا فإن الناس ومهما بلغت درجات المنع أو التضييق حتما ستمارسها ويتداووا بها وإن لم يجدوا المراكز المتخصصة والمعقمة والنظيفة سيلجأون إلى الأماكن غير النظيفة والأوكار وإلى الأشخاص غير مؤهلين وقليلي الخبرة ونعلم مالذلك من آثار سلبية يدفع ثمنها المواطن وحده وليس وزير الصحة رعاه الله وهنا يتوجب على وزير الصحة وإدارته تنظيم الممارسة لهذا الأمر الحلال وإصداره الترخيص اللازمة وفق الشروط التي يرونها مناسبة يقول معاليه في حديث سابق أنه لن يقر هذا النشاط ما لم يثبت فائدة الحجامة ونسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنها (من خير ما تداويتم به الحجامة ) فهل يحتاج كلام النبي للبحث والتجارب حتى نثبت أن للحجامة فائدة.
جهل بالسنة
من جانبهم رأى الدعاة في هذا القرار جهلا بالسنة النبوية حيث يقول الدكتور عبدالله بن ناصر الصبيح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: أنا أؤيد أن تقوم وزارة الصحة بضبط العمل وجعل ضوابط للطب الحديث وبمايسمى بالطب البديل من الحجامة وليس من مهمتها إلغاء مثل هذا الأمر لإن إلغاءها ليس صحيحا فقد ثبتت فعاليته وثبتت الحجامة في السنة فإلغاؤه ليس علاجا وليس حلا والمفترض أن تضع ضوابط وأن تضع من الضوابط ما يجود هذا العمل ويجعله أكثر فاعلية فأما الإلغاء فليس سليما ولاسيما أن الطب البديل ومنه الحجامة معترف به وممارس في كثير من مناطق العالم سواء من أمريكا إلى اليابان وهذا الإلغاء ليس سليما وليس مطابقا للعمل العلمي والأولى وضع الضوابط التي تمنع التلاعب والتي تمنع الإساءة إلى صحة الناس وتجود مثل هذا الأمر ومن يقول بأن هذا المنع جاء دالا على أنه لا يوجد إثبات علمي موثق لفائدتها فهذا حديث جاهل عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يقبل بهذا القول إذا كان حديث الرسول ليس دليلا علميا فما هو الدليل العلمي في مثل هذا الأمر إلغاء للحجامة كان من المفترض أن تستشير علماء السنة ومتخصصين في الحجامة ، الحجامة تمارس في كل مكان فهو طب بديل معترف به على مستوى العالم وليست خاصة بالمسلمين بل تمارس من غير المسلمين حتى المفترض أن يستشيروا قبل إصدار هذا القرار.
قرار تنظيمي
ويقول الدكتور جميل اللويحق عضو هيئة التدريس في جامعة الطائف : أقبل بأن يكون هناك قرار تنظيميا للحجامة لهذه القضية وضبط لها وأن لاتؤدى إلا بالأسلوب والأمثل الذي يحفظ صحة الناس لكن أرفض أن يغلق هذا الباب علنا وينظر الناس إلا أن يمارسوه بسرية وبوسائل بدائية وفي المناطق الخلفية من فئات مجهولة الذي يقبل من الوزارة أن تتابع وأن تنظم أما ما عدا ذلك والتشكيك في نفع هذه القضية فهي قضية محسومة من الناحية الشرعية فالحجامة ورد الحث عليها وفعلها النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع وأثبتت التجربة فائدتها فمن هذه الجهة فلا ينبغي أن تتجه الوزارة إلى قرار بهذه الصورة يعني لايراعي مثل هذه القضايا وأن تحسن من وضع الحجامة بأن توضع لها اشتراطات وضوابط سواء فيمن ينفذها أو في جهة الإشراف على ذلك المكان ، هذه المسألة غير مقبولة من الوزارة لأن الحجامة ثابتة وحثه عليها واضح وفائدتها مجربة حتى لو لم يكن هذا الأمر من الناحية النصية ثابتا .
قضية محسومة
يقول الداعية الدكتور على بادحدح : الحجامة الآن عمليا أجهزتها مصنعة ولها عيادات في بلاد غربية وغير إسلامية والحجامة وردت في الأثر وفي الأحاديث النبوية على وجودها وثبوتها وأكدت على لسان الفقهاء الأمر الثاني تجنب استخدام الوسائل البدائية التي قد تضر بالمريض ، الحجامة قضية معروفة ومحسومة كونها موجودة يبقى لوزارة الصحة أن تنظمه أن تضع الشروط لتصلح الأمر أما أن تمنع الحجامة لممارسة الطب الحديث فليست مقبولة أو معقولة منطقا أوعلما .