الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين.
إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نعمة أنعم الله به علينا فإنه حريٌ بنا
حينما نتذكر النعمة نتذكر المنعم بها ونشكره عليها. وهذا الشكر يستوجب منا
أن نتمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم مصدقاً
لقوله تعالى:
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ
يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ}(سورة الأحزاب /ءاية 21).
فما أعظم هذه النعمة وما أعظمك يا رسول الله وقد منحك الله سبحانه من كمالات الدنيا والآخرة ما لم يمنحه غيرك من قبلك أو بعدك.
وقد أعطاك الله في الدنيا شرف النسب وكمال الخلقة، وجمال الصورة وقوة
العقل، وصحة الفهم وفصاحة اللسان وقوة الحواس والأعضاء، والأخلاق العلية
والآداب الشرعية من: الدين، والعلم، والحلم و الصبر والزهد والشكر والعدل
والتواضع والعفو والعفة والجود والشجاعة والحياء والمروءة والصمت والتؤدة
والوقار والهيبة والرحمة وحسن المعاشرة ما لا يستطاع وصفه وحصره.
فما أعظمك يا رسول الله ولقد صدق ربنا سبحانه وتعالى إذ يقول في شأنك ووصفك{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(سورة القلم/ءاية 4).
وها نحن نأتي إلى نبذة يسيرة من محاسن صفاته ومحاسنءادابه لتكون لنا نموذجاً نسير عليه حتى نكون على قدم نبينا صلى الله عليه وسلم.
نسبه صلى الله عليه وسلم
أما شرف نسبه وكرم بلده ومنشئة فإن نسبه صلى الله عليه وسلم ينتهي إلى
إسماعيل بن ابراهيم. نسب شريف وءاباء طاهرون وأمهات طاهرات؛ فهو من صميم
قريش التي لها القدم الأولى في الشرف وعلو المكانة بين العرب.
ولاتجد في سلسلة ءابائه إلا كراماً ليس فيهم مسترذل بل كلهم سادة قادة،
وكذلك أمهات ءابائه من أرفع قبائلهن وكل اجتماع بين ءابائه وأمهاته كان
شرعياً بحسب الأصول العربية ولم ينل نسبه شئ من سفاح الجاهلية بل طهره
الله من ذلك.
روى مسلم عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله عليه و سلم يقول: "أن
الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش
بني هاشم واصطفاني من بني هاشم".
كمال خلقته صلى الله عليه وسلم
أما صورته وجماله وتناسب أعضائه وحسنه فقد جاءت الآثار الصحيحة المشهورة
بذلك وكثر الواصفون لحسن جماله صلى الله عليه وسلم ومنها أنه كان أبيض
مشرباً بالحمرة، أزهر اللون، ظاهر الوضاءة، واسع الجبين، كث اللحية سخل
الخدين، أبيض الأسنان إذا تكلم كأن النور ينهمر من فمه ويكفي في وصفه قول
أبو هريرة رضي الله عنه: ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه
وسلم كأن الشمس تجري في وجهه. ووصفه بعض أصحابه فقال: كان رسول الله فخماً
مفهماً يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر.
وأخرج البزار بإسناد حسن عن عائشة رضي الله عنها قالت تمثلتُ في أبي:
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للأرامل
فقال أبي(تعني أبا بكر): ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا البيت هو نعت عمه أبي طالب في لون وجهه عليه الصلاة و السلام.