جورج كلوني.. نجومية تتجاوز الجاذبية

لم تقف جاذبيته عند وسامته بقدر ما تمثلت في شخصيته الفنية، ذلك أن النجم الأمريكي جورج كلوني لم يعتمد على تلك الجاذبية المشهور بها لبلوغ النجاح، بل ركز على التعب والتجويد وبذل المجهود، فتخطت نجاحاته الفنية تلك الصفة الشكلية التي دائما اشتهر بها.
عانى جورج كلوني لسنوات طويلة قبل أن يصبح في مصافي كبار نجوم العالم، فلم تأته الشهرة على طبق من ذهب؛ إذ ظل يعمل لأكثر من 10 سنوات في أدوار تلفزيونية صغيرة، حتى أخذ دورا في المسلسل الأمريكي "ER" عام 1984، ثم قدمه بدور رئيس مختلف مرة أخرى عام 1994 فكانت لصعوبة الدور الذي أداه بمهارة.. الفضل في اختراقه حواجز الوسط الفني في هوليوود.
وتوج المسلسل نجاحاته التلفزيونية، وحقق معه نجاحا كبيرا استطاع أن يمحو به سلسلة من الإخفاقات السينمائية في الثمانينيات، وفي عام 1996 فتحت له السينما ذراعيها بفيلم "From Dusk Till Dawn"، فاستطاع من خلاله أن يحصد أول جائزة عن أدائه، وحقق الفيلم عشرة ملايين دولار في أسبوعه الأول.
وهكذا تحقق تسلل جورج كلوني الأول لشباك التذاكر، كما استطاع أن يخلق لاسمه بريقا من نوع خاص بين ألمع نجوم السينما الذين شاركهم الفيلم، ومن دور المجرم للرومانسية في نفس العام بفيلم "One Fine Day".
وفي عام 1997 لم يحالف كلوني الحظ فقدم فيلم "Peacemaker" الذي لم يحقق نجاحا ملحوظا، وكذلك الجزء الرابع من سلسلة أفلام الرجل الوطواط فيلم "Batman and Robin"، الذي احتل الصدارة في قائمة أسوأ فيلم في تاريخ السينما.. في الاستفتاء التي أجرته مجلة "Empire" الأمريكية مؤخرا.
ثنائي ناجح

كان للمخرج ستيفن سوديربيرج بصمة مميزة في محطات كلوني المؤثرة؛ كانت أولها عام 1998 بفيلم "Out Of Sight"، الذي يعتبر نقطة الانطلاقة في حياة جورج كلوني الفنية، بعد أن استطاع لفت الأنظار ليتوهج نجمه في سماء هوليوود.
وفي عام 2001 جاءت المحطة التالية للثنائي الناجح بفيلم "11 Ocean`s"، الذي لم يعد مجرد إعادة لأفلام فرانك سناترا عام 1960 التي حملت نفس الاسم، بل أصبح محطة التقاء لأكبر نجوم السينما الأمريكية؛ جورج كلوني وبراد بيت ومات ديمون وآندي جارسيا وإليوت جولد وإيدي جميسون وسكوت كان.
وقتها أسس كلوني شركة إنتاج خاصة به هي "سيكشن إيت"، بالتعاون مع رفيق نجاحه الأفضل ستيفن سوديربيرج.
وبمرور الوقت تحول اسم Ocean لناد يجتمعون فيه بعد الجزء الثاني من الفيلم "12Ocean`s " 2004، ثم كانت مفاجأتهم الأكبر بانضمام النجم آل باتشينو للجزء الثالث من الفيلم "13 Ocean`s"، الذي يعتبره البعض أكثر أفلام كلوني جنيا للإيرادات.
وكرر الثنائي تجربة جديدة من النجاح، ولكن بمذاق مختلف مع فيلم Solaris 2002، الذي استطاع فيه ستيفن إعادة الروح للفيلم الذي حمل نفس الاسم عام 1972، والذي عالج فيه كثيرا من الأجواء الشاحبة في الفيلم القديم، وجددا فيه الثنائي نجاحهما.
وفي عام 2000 حقق كلوني إنجازه السينمائي الأول بحصوله على جائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل عن دوره في الفيلم الكوميدي "O Brother, Where Art Thou?"؛ إذ رسم باقتدار ملامح المجرم بشكل ساخر، ثم عزز كلوني نجاحه بفيلم The Perfect Storm الذي لاقى نجاحا نقديا وجماهيريا.
وعلى رغم النجاحات التي لمع فيها جورج كلوني لسنوات طويلة إلا أنه منذ عام 2002 صنع عالما ساحرا خاصا به، فكان أولها مع Welcome to Collinwood، الذي حقق فيه نجاحا كبيرا.
وهنا كانت تجربته الإخراجية الأولى التي لم تقل أهمية عن أدواره، فكانت بمثابة تأكيد لبصمته السينمائية الذهبية والتي بدأت عام 2002 مع فيلم Confessions of a Dangerous Mind، وعلى الرغم من عدم نجاح الفيلم تجاريا إلا أن كلوني استطاع أن يضع قدمه في مجال الإخراج بعد أن أشاد به الجميع ورفعت من أسهمه السينمائية.
رؤى سياسية

سنة 2005 فكانت الأوفر حظاً مع كلوني؛ إذ كانت لميوله السياسية الجدية تأثير إيجابي في فيلم "Good Night, and Good Luck" الذي قام ببطولته وإخراجه وحصل من خلاله على 12 ترشيحا للجوائز الأمريكية.
وقدم في نفس العام فيلم "Syriana"، وفي جوائز الأوسكار رُشح كلوني لجائزة أفضل مخرج وأفضل سيناريو للفيلم الأول، كما فاز بجائزة أفضل ممثل مساعد عن الفيلم الثاني، ليكون أول فنان في تاريخ أوسكار، يترشح عن إخراج فيلم والتمثيل بفيلمين في العام نفسه.
محطة أخرى مع النجاح قفز من خلالها كلوني لقلوب معجبيه مع فيلم "Michael Clayton 2007"، الذي حقق فيه أكثر مما كان يتوقع؛ إذ رشُح لجائزة أوسكار أفضل فيلم، وفي عام 2008 قدم Leatherheads، الذي حقق نجاحا جماهيريا بعيدا عن الجوائز على عكس أفلامه الأخيرة.
وفي العام نفسه قدم فيلم الجريمة الكوميدي Burn After Reading مع صديقه الوسيم براد بيت، كما يحب أن يلقبه، وتصدر الفيلم إيرادات شباك التذاكر بلقاء النجمين الرابع بعد سلسلة أفلام "Ocean".
وأخيرا.. استطاع كلوني في عام 2010 اقتناص الترشيح للقب أفضل ممثل عن دوره في الفيلم الدرامي "Up in the Air"، من ضمن خمسة ترشيحات لجوائز الأوسكار.
علاقات عربية-أمريكية

جورج كلوني تناول العلاقات الأمريكية العربية في ثلاثة من أهم أفلامه التي تنوعت بين السياسية والكوميدية الساخرة؛ كفيلم Three Tings 1999، الذي قدم فيه شخصية ضابط بالجيش الأمريكي يخطط مع مجموعة من رفاقه لسرقة ذهب من العراق في أثناء مشاركتهم في حرب الخليج الثانية. ثم فيلم "Syriana"، الذي تعرض بعده لهجوم شديد من قبل الإعلام الأمريكي، وصل لدرجة وصفه بالخائن على الرغم من أن 75% من الأمريكيين يتفقون مع رؤية الفيلم، الذي يقوم فيه بدور عميل استخبارات أمريكي يدخل في مهمة بحث يكتشف من خلالها خيوط مؤامرة قذرة تقوم بها أمريكا ضد منطقة الشرق الأوسط.
وفي 2009 قدم كلوني The Men Who Stare at Goats، الذي استطاع برؤيته السياسية تقديم مجموعة من القصص الحقيقية الكوميدية من داخل الجيش الأمريكي.
وُلد جورج تيموثي كلوني في 6 مايو/أيار عام 1961 بمدينة ليكسينجتون في ولاية كنتاكي، ووالدته عارضة الأزياء السابقة نينا كلوني، ووالده الإعلامي نيك كلوني الذي كان له الفضل في ظهوره الأول على شاشة التلفزيون، وهو في الخامسة من عمره.
ولجورج كلوني كاريزما مميزة اتضحت من اختياره من أدواره وأفلامه على رغم تنوعها إلا أنها خير دليل للتعبير عن شخصيته وصفاته التي تميل للرصانة والهدوء والبساطة، والتي عبر من خلالها عن مبادئه السياسية، كما أنه يرى في نفسه أنه شريك حياة سيئ، ولكن صديق جيد.
أكثر جاذبية ومبعوث للسلام

جورج كلوني -49 عاما- للمرة الثانية على لقب "الرجل الأكثر جاذبية" في استفتاء أجرته مجلة "People" عام 2005، بعد أن حصل عليها للمرة الأولى عام 1997، منافسا بذلك صديقه براد بيت، وهو النجم الوحيد الذي حصل على اللقب مرتين عامي 1995 و2000.
كما وقع الاختيار على جورج كلوني ليكون مبعوثا للأمم المتحدة للسلام عام 2008 من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وعلى رغم كل نجاحاته.. لا يقف كلوني عند محطة إلا ويبحث عن الصعود للتالية لها، علما بأنه يُلقب بأنه أشهر عازب في هوليوود؛ لأنه لم يرتبط بزواج حتى الآن.

شكرا جزيلا