أحلام محطمة
كم كانت أحلامنا كبيرة ، وكم كانت آمالنا بسيطة ، بساطة أحلام الأطفال ، دقيقة دقة أفكار الحكيم ، رقيقة رقة غيداء النعيم ،
عالية علو الجبال الشواهق ، عميقة عمق المحيطات .
لكن تكسرت وتناثرت عند أسوار القدر ، تهافتت كزجاج اصطدم بصخرة صماء فتناثر أشلاؤه كعقد انفطرت خيوطه فتوزعت حباته
بكل حدب وصوب ، وتلاشت مثل ضباب الفجر عندما تلاحق فلوله
جنود الشمس ، وتخترق أسواره تباشير الصباح المشرق .
- كانت صافية صفاء قطرات الندى على الورود عند انبلاج الفجر ،
- نقية كجول لم تعبث به يد إنسان ، صادقة كالابتسامة على وجه طفل برئ .
- إن حالنا كذلك المهندس المفن وقد بنى قصراً شامخاً آية في الروعة والجمال ، يكاد سنا سحره وجماله يذهب بالألباب
حتى إذا وصل إلى نهايته ونفض غبار التعب والشقاء
عن نفسه انكت أركانه وتزلزلت أرجاؤه فتهاوت جدرانه
وتهافتت شرفاته وانقلبت حدائقه صحراء قاحلة ،
كأن لم تغن بالأمس .
ترى لماذا نبني ونخطط ولمَ نرسم ونلون وقد مزق القدر كل
شيء وأباد كل حلم ودمر كل بناء .
حقاً إنها أحلام ضائعة وآمال محطمة وأفكار ممزقة وآهات
مبثوثة .
لكننا نعمل لأن الله أمرنا ولذلك نخطط فالعمل عبادة والنتائج
ليست من صنع ولكنها من إبداع الخالق جل في علاه وتقدست
أسماؤه .
خواطر كانت حبيسة الفكر فأحببت أن أشارككم إياها واتحاور
معكم فيها .
يوسف العين 3/9 /200