وداعا قريتي ...
كان ادم وافراد قريتة يعيشون علي زراعة الزرة والفول وبعض المحاصيل الزراعية الاخري في قريتهم الواقعة في منطقة جنوب دارفور في الحدود الشمالية لولاية بحر الغزال, ادم هو زوج لي فاطمة وهي ابنة عمة خاطر وهم من سكان تلك القرية وله ابنة اسمها زهرة في السابعة من العمر وهي لم تدخل المدرسة بعد .
يعيش سكان هذة القرية في سلام وهم يزرعون وينقلون محاصيلهم الي اقرب مدينة لبيعها واحيانا ياتي التجار الي القرية ويشتروا كل المحاصيل .. في يوم من الايام كان ادم وزوجتة وابنتة وباقي اهلة يعملون في الحقل وهم سعداء يغنون ويمني ادم نفسة بمحصول وفير هذا العام الي ان سمعوا فجاءة اصوات الخيل وهي تركض نحوهم , وسمعموا من علي البعد محركات سيارات , لم يكترث اهل القرية بما سمعوا لان عادة ياتي المسافرون مرورا بقريتهم الي قري اخري مجاورة ولكن هذة المرة كان الامر مختلفا بالنسبة لادم احس ان هنالك خطبا ما ..
اسرع ادم الي زوجتة التي كانت تعمل بجد غير مبالية بما سمعت من اصوات , اوقفها ادم من العمل وطرق يسألها اذا كانت قد سمعت تلك الاصوات , اومئت زوجتة ايجابا . فاخبرها ادم بان تاخذ حزرها وتهتم جيدا بابنتها زهرة ..
مع اقتراب اصوات حوافر الخيل بداء القلق علي سكان القرية الذين كانو يعملون في حقولهم عند مدخل القرية .. امر اهالي القرية زوجاتهم وابناءهم بالرجوع الي المنازل فهرعت النساء والاطفال الي منازلهم تاركين خلفهم الرجال .. ودع ادم زوجتة وابنتة وكأنه اخر وداع له ,, وعد ادم زهرة بان يحضر لها بعض الحلوي عندما يعود في المساء ..
وصلت جموع من الخيل الي الحقول وبداء راكبوا الخيل في تشتيت الزروع وافراق بعض الطلقات في الهواء .. لم يكن اهالي القرية مسلحين بما يكفي للتصدي لمثل هذة الاعمال التخريبة .. ظن ادم ان هؤلا هم لصوص ويريدون ان ينهبوا بعض الاغراض وتمني ان يكون محقا في ظنة .. بداء بعض الشباب في محاولة التحدث الي راكبي الخيول مجهولي الهوية ولكن لم يكن النقاش عادلا اذا اردي اثنين منهم قتلي علي مرئا من الباقيين ..
امر شيوخ القرية الشباب بان يلتزموا الصمت .. وحاولوا بدورهم التفاوض مع الغازين بغرض الوصول الي حل فاذا كانوا يريدون مالا او محصولا فلياخزوا ما اتوا من اجلة ..وتم تفويض شيخ من كبار اهالي القرية ظنا منهم ان راكبي الخيول سوف يحترمون الشيخ الكبير المسن .. ولكن اردي ذلك الشيخ قتيلا وفجاءة اصوات النيارات والصراخ ..........
وصلت فاطمة وابنتها زهرة الي بيتهم المكون من (قطية) (وراكوبة) ومحاط( بصريف ) سمعت فاطمة اصوات اطلاق النار والصراخ لم تكن مرتاحة لما يحدث دعت ان يكون ادم بخير ... وهي تحاول تمالك نفسها اماما ابنتها التي تسأل وتكثر من السؤال .. سمعت فاطمة محركات العربات وهي تتوقف , لم يكن الصوت بعيدا جدا اسرعت فاطمة وافرقت برميل الماء الذي كانوا يستخدمونها للشرب .. ووضعت زهرة داخلة وامرتها بان لا تتحرك وان لا تصدر اي صوت ..
سمعت فاطمة اصوات النساء وهن يبكين وبعض الطلقات هنا وهناك .. وفي اقل من ربع ساعة كانت القرية للناظر من بعيد وكأنها قمامة تم حرقها ..
تلوي ادم الملطخ بدماء من حولة كل من حولة بين ميت ومجروح لم يفكر الا في زوجتة وابنتة زهرة .. هرع ادم يجري ويقع ..يحبو .. وينهض محاولا الوصول الي بيتة .. رائ ادم الدخان من بعيد ركض نحو القرية كان وكأنة لم تكن هنالك قرية حتي الاشجار محروقة وتترامي بين جانبيه جثث النساء والاطفال ,, اسرع ادم الي باب بيتة ..تردد في الدخول ..
دخل ادم بيتة ووجد زوجتة فاطمة تنزف بشدة وهي مرتمية بالقرب من برميل ماء الشرب .. امسك بها وهو يبكي وهي تلفظ انفاسها الاخيرة ممسكة بالبرميل .. اغمض عينيها وهو يبكي واخذ يبحث عن ابنتة (زهرة) صامتا داخل القطية صامتا من هول ما رائ .. بحث في كل اغراض البيت ولم يجدها بحث عنها في كل مكان وسقط يبكي وينادي باسمها ..
جلب ادم غطائه من الداخل وغطي بة زوجتة التي فارقت الحياة بين يدية , امسك يها وهو يبكي وفجاءة سمع ادم صوتا يخرج من داخل البرميل فاسرع وفتح البرميل ووجدها كانت خائفة جدا .. اخرجها من البرميل واحتظنها وهو يبكي .. اخذ ادم ابنته مغطيا اعينها وخرج من القرية نظر نظرة اخيرة اليها صامتا تجري الدموع من عينية .. قائلا بداخلة : وداعا قريتي ...
لم يكن يظن يوما ان يفقد القرية باكملها .. فقط هو مزارع لا يدري ماذا يصعنع واين يزهب ولكن كان عزاءه الوحيد هي ابنتة زهرة تزكاره وحصيلتة .. طبع قبلة علي جبهتا واتجه جنوبا ...
السنوسي محمد عثمان