2- أن تكون عابدة:
زينة العلم والعالم (العمل الصالح)، فالعمل الصالح ثمرة العلم وفائدته، وقد ذم الله تعالى الذين لا يعملون بعلمهم فقال سبحانه وتعالى:
{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } البقرة44 .
وقال تعالى:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ }
الأعراف175،
قال المفسرون:
في هذه الآية الترغيب في العمل بالعلم وأن ذلك رفعة من الله لصاحبه وعصمة من الشيطان، والترهيب من عدم العمل به وأنه نزل إلى أسفل سافلين وتسليط للشيطان عليه.
وللعبادة معنى واسع فأداء نوافل الصلاة والصيام والصدقة من العبادة، وقراءة القرآن والمحافظة على الذكر والدعاء من العبادة، حسن الخلق وصلة الرحم والقيام بحق الزوج وتربية الأبناء من العبادة،
وقد كان في نساء سلف الأمة من العابدات اللاتي يضرب بعبادتهن المثل في قيام الليل وصيام النهار والمداومة على قراءة القرآن والمحافظة على الذكر أناء الليل وأطراف النهار.
وهكذا ينبغي أن تكون الأخت المسلمة في حرصها على عمارة وقتها بالطاعة والعبادة
لا أن تكون مع الغافلات اللاهيات فقد حذر الله من إتباع الغافلين فقال سبحانه وتعالى:
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }
الكهف28 .
وقال: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ
وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ } الأعراف205.
3- أن تكون داعية:
من بركة الله تعالى على العبد وتوفيقه له أن ييسر له تكميل نفسه وأن يسعى في تكميل غيره، فهذا من قمة التوفيق.
ومن أهم واجبات الأخت المسلمة الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذه وظيفة الرسل وأتباع الرسل
كما قال تعالى:
{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } يوسف108.
وبعض الناس قد يحصر هذا الواجب في الرجال فقط دون النساء، والواقع أن النصوص الشرعية لم تفرق بينهما في وجوب القيام بهذه الفريضة، كما أن التاريخ يشهد بقيام طائفة كبيرة من النساء بالدعوة إلى الله تعالى وكان لهن الفضل العظيم في هداية من دعونه.
فهذه أم سليم تعرض الإسلام على زوجها مالك من النضر وعلى ابنها أنس، وعلى أبي طلحة عندما جاء لخطبتها وجعلت إسلامه مهرها، ولحقت أم حكيم بنت الحارث بزوجها عكرمة بن جهل وكان قد فر إلى اليمن وحثته على الإسلام والقدوم على النبي بعد أن أخذت له الأمان، والدعوة إلى الله تعالى ليست عشوائية، وإنما تقوم على العلم والحلم والرفق والصبر مع مراعاة الحكمة وتقدير المصالح والمفاسد.
4- أن تكون مربية:
وظيفة المرأة الأولى هي تربية الأطفال، وهي مهمة عظيمة لمن يحمل رسالة ومبدأ
يريد غرسه في أجيال المسلمين.
ولا شك أن مهمة الأخت المسلمة الداعية في هذا المجال أعظم إذ إنها قد حصلت من المفاهيم الشرعية والأحكام الدينية ما يجعل مهمتها أسهل ومسؤولياتها أعظم في توصيل هذا العلم لأبنائها وأسرتها.
5- أن تكون قدوة:
قال صلي الله عليه وسلم:
(إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة)، أخرجه أحمد وأبو داود،
والسمت هو الهيئة ويطلق على السكينة والوقار، فمراعاة الهيئة الإسلامية والصبغة الخاصة من الحشمة والوقار والسكينة والخلق الرفيع والبعد عن سفاسف الأمور
مطلوب شرعاً، لأن ذلك من توقير العلم والسنة.
ومن أبلغ سبل الدعوة حيث إن كثيراً من الناس يتوقف في قبول الحق حتى يراه واقعاً ماثلاً أمامه، فالقدوة الصالحة من أعظم وسائل الدعوة
كما قال الحسن البصري:
عظ الناس بفعلك ولا تعظهم بقولك وقال: الواعظ من وعظ الناس بعمله لا بقوله،
وقد جعل الله تعالي رسوله قدوتنا في كل مجالات الخير , في العباده والزهد
والورع والصبر والشجاعة وحسن الخلق، وهكذا صحابته الكرام من بعده، وهكذا
ينبغي أن يكون أتباعه على مثل هديه وسمته في السكينة والوقار.
المرجع: رسالة مفتوحة إلى الأخت المسلمة -موقع الرواق.