تعليق الناقد المعروف محمد ثلجي
مساء الخير أخي الشاعر محمد محضار
أخي محضار لقد أحضرت زمراً من الكآبة ههه .. يسعدني قراءة النص وأقول أنه نص جميل عفوي جداً. وأنت تحث الذات لكي تمارس تحديها الأزلي مع الحياة، مع تقلباتها المضنية، وعوزها الأبدي.
ما لاحظته في دخولك للنص أنك حاولت تلمس القافية فكأنك أردتها قصيدة تفعيلة وربما تأثرت حينها بقصيدة هنا أو هناك. ثم عدت للتحرر من القافية بعدما تعافيت قليلاً وعادت لك شخصيتك الشعرية. بدأت النص بجمل اسميه بهدف التفسير والتوضيح. وهذا النمط الأسلوبي يحتاج منك لتوزيع
ردات الفعل بين الجسد والروح والنفس وقد نجحت في ذلك بداية من الجبهة ( جسد ) والذاكرة ( النفس) والدمعة ( الروح).
هناك بعض الجمل الشعرية دخيلة أكثر منها لازمة مثل: وأشرب من نمط العصر لبنا.. هذه الجملة تفتقر للمعنى الذي يشترك مع ما قبلها وما سيجيئ بعدها..
النص على العموم تخلله كثير من الابتكارات الشعرية المميزة كقولك: أكتب في أزيز الوحي .. جميلة جداً هذه الصورة. وأيضا: أسكب في ساعفة اللحن/ في مسام الحزن.
في الجانب الآخر في بعض سياق النص، افتقرت القصيدة للإيقاع الداخلي لاحظ معي:
تمتد دمعتي
السوداء
ترسم قبلة
تحرق بسمة
تخلع عنها رسم
الشيطان
تنحصر
أفعال ماضية تتكرر أربع مرات دون دفعها بجمل شعرية مكتملة البناء أو دعمها بجمل إسمية أو شبه جمل حتى لعملية التغطية. بينما هنا كان السياق متيناً متماسكاً لاحظ:
شرب من نمط العصر لبنا
أكتب
في أزيز الوحي
سكرة القصائد
أسكب في ساعفة اللحن
لحني ..حزني ..يأسي
وأنا
مارحلت في وهمي
مارسمت في وجهي
في شوارعك البيضاء.
جملة فعلية ثم شبه جملة ثم جملة اسمية.. وهكذا.
يعود الإيقاع للترهل مرة أخرى لاحظ:
احني رأسي
أطرد النوم عن مقلتي
أنثرفوق سحر الموت شعري
وأقتل سيد موتي
وأقتل سيد حزني
.. أخي من المفترض والأهمية أن تكون حذرًا عند كتابة النص النثري على وجه الخصوص فقيمته تتأتى من فاعلية إيقاعه وكما تعلم الخيط الموسيقي هو الوحيد الذي يجعل قصيدة النثر تختلف عن التفعيلة. وإن غاب هذا اللازم تخرج تلقائياً عن مفهومها وتصبح إما خاطرة أو رسالة أدبية أو حتى قصة لو أعيد تشكيل هيكلها بشكل طولي مموسق.
تحياتي وتقديري